بحث متقدم
الزيارة
5278
محدثة عن: 2012/01/31
خلاصة السؤال
ما الوجه فی قوله تعالى " فبشّرهم بعذاب الیم" و الحال أن البشرى تأتی فی الامور السارة و المحببة للنفس؟
السؤال
ما الوجه فی قوله تعالى " فبشّرهم بعذاب الیم" و الحال أن البشرى تأتی فی الامور السارة و المحببة للنفس؟
الجواب الإجمالي

وردت مفردة البشارة فی القرآن الکریم فی الامور السارة و المحزنة و یتوصل الى المراد منها من خلال القرائن الحافة بالکلام. و فعل «بشّرهم» هنا مستعار للإنذار و الوعید على طریقة التهکم لأن حقیقة التبشیر: الإخبار بما یسرّ و ینفع. فلما علق بالفعل عذاب ألیم کانت قرینة التهکم؛ و ذلک لان الکفار لما تمادوا فی غیهم و عنادهم فلم تنفع معهم الموعظة و لم تلن قلوبهم للحق، من هنا جاء الخطاب الالهی على نحو التهکم و مبشرا إیاهم بما یستقبلهم من العذاب الالیم.

الجواب التفصيلي

وردت مفردة البشارة فی القرآن الکریم فی الامور السارة[i] و المحزنة و یتوصل الى المراد منها من خلال القرائن الحافة بالکلام، قال الطریحی: و البِشارَةُ المُطْلَقَةُ لا تکون إِلَّا بالخیر، و إِنما تکون بالشر إِذا کانت مقیدة کقوله تعالى: "فَبَشِّرْهُم بعذاب أَلیم"؛ قال ابن سیده: و التَّبْشِیرُ یکون بالخیر و الشر کقوله تعالى: "فبشرهم بعذاب أَلیم".[ii]

ثم إنه لم ترد مفردة "بشارة" فی القرآن الکریم و إنما جاءت مشتقاتها، کمفردة "بشرى" وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى‏ لَکُمْ".[iii]  و البشرى هنا و فی آیات أخرى دلت على التبشیر بالامر السار و الامور المحبذة للنفس، و أما مفردة " بشِّر" فقد وردت فی القرآن بکلا المعنین، ففی قوله تعالى "بشِّرِ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْری مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهار"[iv]  اشارة الى التبشیر بالشیء السار و المحبب للنفس، و أما قوله تعالى " بَشِّرِ الْمُنافِقِینَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً"[v] و قوله سبحانه «فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیم‏".[vi]  فهی بشارة بما یسوء النفس و یزعجها، و فی الحقیقة انها جاءت هنا لتنم عن نوع من الطعن و التوبیخ.[vii]

قال صاحب تفسیر التحریر و التنویر: و فعل «بشّرهم» مستعار للإنذار و الوعید على طریقة التهکم لأن حقیقة التبشیر: الإخبار بما یسرّ و ینفع. فلما علق بالفعل عذاب ألیم کانت قرینة التهکم کنار على علم. و هو من قبیل قول عمرو بن کلثوم:

         قریناکم فعجّلنا قراکم             قبیل الصبح مرداة طحونا.[viii]

و ذلک لان الکفار لما تمادوا فی غیهم و عنادهم فلم تنفع معهم الموعظة و لم تلن قلوبهم للحق من هنا جاء الخطاب الالهی على نحو التهکم و مبشراً إیاهم بما یستقبلهم من العذاب الالیم.

 



[i] القرشی، سید علی اکبر، قاموس قرآن، ج1، ص 194، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة السادسة، 1371ش.

[ii] الطریحی، فخر الدین،‏ مجمع البحرین، تحقیق: حسینی‏، سید احمد، ج 3، ص 221، مکتبة المرتضوی‏، طهران، الطبعة الثالثة، 1375ش.

 

[iii]. آل عمران، 126.

[iv]. بقره، 25.

[v]. نساء، 138.

[vi]. انشقاق، 24.

[vii] الحسینی الهمدانی، سید محمد حسین، ‏انوار درخشان، تحقیق: بهبودی، محمد باقر، ‏ج 18، ص 62 و 63، مکتبة لطفی‏، طهران، الطبعة الاولی، 1404ق؛ مکارم الشیرازی، ناصر، الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج‏20، ص: 69، مدرسة الامام علی بن ابی طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ.

[viii]الطاهر بن عاشور، التحریر و التنویر، ج‏30، ص: 208.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

  • ما هو رأی مشهور العلماء و المجتهدین فی الملوک الصفویین؟
    5334 التاریخ 2009/12/13
    لا بد أن نعلم أن العلماء و المجتهدین یعتقدون بضرورة أساس کلی و هو وجوب التبلیغ و الترویج للدین و تعالیمه، و لا ینبغی التقصیر فی هذا المجال. و لکن من الممکن أن تختلف الآراء فی الطرق و الأسالیب التی تسلک لتحقیق هذا الهدف المشترک. فالاختلاف موجود، و کلام الإمام ...
  • ما سبب وجوب تقليد المراجع؟
    7017 الحقوق والاحکام 2015/04/16
    إن المراد من «التقليد»: هو رجوع غير المختص للمختص في أمر تخصصي. و أهم دليل على لزوم التقليد في المسائل الدينية، هو النكتة العقلائية المرتكزة التي تنص على لزوم رجوع الانسان غير المتخصص للمتخصصين في المسائل التخصصية. وبالطبع هناك آيات و روايات تنص على ذلك كآية:«فأسئلوا أهل الذكر ...
  • ما موقع الامارة في علم الاصول و ما الفرق بينها و بين الاصل العملي؟
    8734 شروط عامة 2019/06/16
    الإمارة: هو كل شيء يثبت متعلقه، و لايبلغ درجة القطع و اليقين؛ كخبر الواحد، و الظواهر، و بناء العقلاء و...، أما الأصول العملية فهي مالا تثبت متعلقها، بل وضعت لرفع حيرة المكلف و شكه بالنسبة للحكم الواقعي، ليتمسك بمفادها عند الشك بالحكم؛ كالاستصحاب، والاحتياط و التخيير و البراءة.
  • ما هو رأی المراجع العظام حول مسألة التبرع بالأعضاء فی حالة الموت الدماغی؟
    5066 الحقوق والاحکام 2010/03/07
    استفتینا مکاتب المراجع و وصلنا منهم الأجوبة التالیة:مکتب سماحة آیة الله العظمى الخامنئی (مد ظله العالی):إذا کان أخذ العضو من المریض المذکور من أجل علاج مریض آخر یؤدی إلى التسریع فی وفاته فلا یجوز ذلک، و فی غیر هذه الحالة فإذا کان العمل المذکور مسبوقاً بإذن المریض ...
  • هل بشّر الأنبیاء بمجیء الأئمة (ع)؟
    6131 الکلام القدیم 2011/07/30
    نوجد أحادیث متعددة من نبی الإسلام الأکرم (ص) و الائمة (ع) تشهد بوجود أسماء النبی (ص) و الائمة (ع) فی الکتب المقدّسة نشیر الی بعضها فی المصادر الاسلامیة و مصادر اتباع الدیانات الاخرى:1- ما ورد فی مصادرنا الدینیة:نقل عن الإمام الحسن المجتبی (ع) أن شخصاً یهودیاً ...
  • ما المقصود من انّ القرآن الکریم انزل على سبعه احرف؟
    6274 علوم القرآن 2015/05/30
    لو کان معنى نزول القرآن على سبعه احرف، نزوله على سبع لغات من لغات القبائل العربیه او على سبعه قراءات ، فهذا ما لا یمکن القول به و قبوله، وان اصرّ بعض السنّه کثیراً على هذا القول و ذکروا له عدّه تفسیرات؛ لکن اذا کان المراد منه وجود ...
  • أنا أعلم بأن البیت بأجمعه مع أدواته قد تنجّس سابقاً فهل هناک إشکال فی صلاتی و صومی؟
    4905 الحقوق والاحکام 2009/08/15
    حصلنا علی الأجوبة التالیة من مکاتب المراجع:مکتب آیة الله العظمی الخامنئی (مد ظله العالی):بالنسبة للأشیاء التی لیس لک اطمئنان بنجاستها فانها محکومة بالطهارة، و نجاسة مکان المصلی لا بأس بها إذا لم تکن هناک رطوبة مسریة، و لا یجب ...
  • هل الابدان المادية للنبي الاكرم (ص) و الائمة (ع) تبقى في قبورهم أو تنتقل الى العرش كما في بعض الروايات؟
    5291 الکلام القدیم 2012/04/22
    يستفاد من بعض الروايات الموجودة في تراثنا أن الابدان المادية للنبي الاكرم (ص) و الائمة (ع) لا تبقى في قبورهم الا بضعة أيام ثن تنقل الى العرش الالهي بعد ذلك. و قد اشرنا الى نماذج من تلك الروايات في الجواب التفصيلي. ...
  • هل أخذ العهد من الأنبیاء السابقین على ولایة علی (ع) و هل ذکر ذلک فی القرآن أو الکتب السماویة الأخرى؟
    6425 الکلام القدیم 2009/08/06
    کل نبی یخبر عن مجیء النبی الذی یلیه، و یعتقد المسلمون أن الأنبیاء السابقین قد بشروا بمجیء النبی الأکرم (ص) کما أن الشیعة یعتقدون و اعتماداً على الإشارات الموجودة فی القرآن و أحادیث الأئمة المعصومین أن الأدیان السابقة ذکرت أوصیاء النبی و خلفاءه و قد وردت الأحادیث فی مصادر الشیعة ...
  • اذا أودعت مبلغا من المال فی المصرف الحکومی کقرض، فما حکم أخذ الفائدة حینئذ؟
    4669 الحقوق والاحکام 2012/01/08
    جواب مکتب سماحة آیة الله العظمى السید الخامنئی (مد ظله العالی):اذا کانت مالکیة المصرف تعود للمسلمین، و کان أخذ الفائدة على اساس أحد العقود الشرعیة الصحیحة فلا مانع من أخذ الفائدة حینئذ، و کذلک اذا کان المصرف یعود لغیر المسلمین فحینئذ لا اشکال فی أخذ الفائدة منهم أیضاً.لمزید ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279557 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257588 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128303 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113523 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89094 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    60010 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59682 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56946 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    50003 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47272 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...