بحث متقدم
الزيارة
6519
محدثة عن: 2011/12/31
خلاصة السؤال
ما هو الموقف الاسلامی من قضیة العالم الموازی الذی یدّعی الغربیون التوصل الیه؟
السؤال
ما هو الموقف الاسلامی من قضیة العالم الموازی الذی یدّعی الغربیون التوصل الیه؟
الجواب الإجمالي

یوجد فی بعض المتون و المعارف الاسلامیة بعض الشواهد على وجود العوالم الموازیة، بل هناک بعض المعارف و المفاهیم الاسلامیة لا یمکن تفسیرها علمیاً الا من خلال هذه النظریة؛ کقضیة المیثاق الالهی المأخوذ من ذریة آدم، و وجود الافلاک و السماوات المتعددة إذ هناک الکثیر من الآیات التی عبرت عن السموات بصورة الجمع، و عالم الجن، و معراج النبی الاکرم (ص) کما فی احادیث المعراج. علما ان بعض نظریات الفلاسفة و العرفان الاسلامی تؤید هی الاخرى وجود العالم الموازی.

الجواب التفصيلي

قبل الاجابة عن التساؤل المطروح لابد من تحدید المراد من العالم الموازی، و ما هی حقیقته؟

الف: ماهیة العالم الموازی

ذکر الفیزیاویون للعالم الموازی ثلاثة أنواع.[1]

1. عالم الابعاد العلیا (Hyperspace)

2. العوالم متعددة الاطراف (Multiverse)

3. العوالم الموازیة کوانتومی.

یحکم العقل السلیم بان عالمنا المادی یتألف من ثلاثة ابعاد (الطول و العرض و الارتفاع). و یمکن تعریف کل شیء - بأی وضع کان – من خلال هذه الابعاد الثلاثة. و یعد الفضاء ثلاثی الابعاد، الاساس الذی شیدت علیه الهندسة الیونانیة.[2] و لکن هناک من الباحثین و المفکرین من أثبت وجود أبعاد أخرى فی العالم، و بهذا حطم جدار نظریة الابعاد الثلاثة التی کانت مهیمنة على الفکر البشری، و أشار الى ابعاد اخرى خفیة و غیر مرئیة الى جانب البعد المرئی. و قد بنى کارل کارس الریاضی المعروف فی القرن التاسع عشر معادلاته على وجود البعد الرابع (الفضاء- الزمان).[3] و من ثم جاء انیشتاین لیشید نظریته النسبیة على تلک المعادلات. و فی سنة 1919م أثار الفیزیاوی المعروف تؤدور کالوزا قضیة وجود البعد الخامس (الزمان).[4] بل اوصلتها نظریة استرینک الى عشرة ابعاد.[5] و فی العام 1994م اضاف کل من ادوارد فیتن و بال تواسند بعدا جدیدا لیصل العدد الى أحد عشر بعداً.[6] أضف الى ذلک أنه لیس من الضروری صغر تلک الابعاد و العوالم، بل قد یکون بعضها غیر متناه فی الکبر؛ بمعنى امکانیة کون عالمنا جزءاً من عالم متعدد الابعاد. بل یصل عدد تلک العوالم الى المیلیارات تخمینا.[7] یقول العلماء: یحتمل احتمالا یقرب من الیقین بان اکثر العوالم الموازیة عوالم میته، تتألف من الاجزاء و الذرات تحت الذریة کالالکترون و النیوترون. فقد یکون النیوترون فی تلک العوالم بحالة متزلزلة یندثر تدریجیا و بالنتیجة لم تحصل الاجسام المرکبة.[8]

و الجدیر بالذکر ان الباحثین مختلفون فی قضیة العوالم الموازیة. حیث یرى البعض انها و لیدة خاصیة الهولوجرافیک (التوهیمیة) للذهن البشری و انها عوالم مجازیة.[9] و هناک من یذهب الى کونها عوالم واقعیة محسوسة.

ب) الاسلام و العوالم الموازیة

یوجد فی بعض المتون و المعارف الاسلامیة بعض الشواهد على وجود العوالم الموازیة، بل هناک بعض المعارف و المفاهیم الاسلامیة لا یمکن تفسیرها علمیاً الا من خلال هذه النظریة؛ کقضیة المیثاق الالهی المأخوذ من ذریة آدم و الذی تعرضت له الآیة 172 من سورة الاعراف[10]، و وجود الافلاک و السماوات المتعددة إذ هناک الکثیر من الآیات التی عبرت عن السموات بصورة الجمع[11]، و وجود عالم الجن، و معراج النبی الاکرم (ص) کما فی احادیث المعراج.

علما ان بعض نظریات الفلاسفة و العرفان الاسلامی تؤید هی الاخرى وجود العالم الموازی. فقد عبر الفلاسفة المسلمون عن الکون بالعالم. و قد ورد فی دائرة المعارف عدة تعاریف للعالم، منها:

انه یعنی جمیع الموجودات ما سوى الله تعالى هذا بالنسبة للمؤمنین، و أما غیر المؤمنین فیطلقونه و یریدون به مجموع الموجودات، و قال بعض القدماء بان المراد منه جمیع الموجودات الجسمانیة، و یستعمل حسب النظریة البطلیموسیة فی الافلاک التسعة. و اما المؤمنون بوجود عالم آخر غیر العالم الجسمانی، فهولاء یؤمنون بعالمین، العالم الروحانی و العالم الجسمانی. ثم ان علماء الاسلام و المفسرین و المتکلمین اطلقوا على هذین العالمین عدة اسماء کلها مقتبسة من القرآن الکریم من قبیل: عالم الخلق (العالم الجسمانی) و عالم الأمر ( یعنی غیر الجسمانی)؛ او عالم الشهادة (عالم المحسوسات) و عالم الغیب (غیر المحسوسات و غیر الجسمانی). و من تلک الاسماء عالم الملک و عالم الملکوت و عالم التکوین و الأزل و عالم الطبع و عالم العقل، و العالم الکلی و الجزئی.

ثم ان شیخ الاشراق أوصل عدد العوالم الى اربعة:

1. عالم العقول و الملائکة المقربین و بحسب اصطلاحه عالم الانوار القاهرة؛

2. عالم النفوس، أی عالم الانوار المدبرة؛

3. عالم البرزخیین، و یراد به عالم الحس و عالم الافلاک و النجوم عالم العناصر؛

4. عالم المثال و الخیال، و حسب اصطلاحه عالم الصور المعلقة الظلمانیة و المستنیرة؛ و یندرج تحته ارواح الاشقیاء و السعداء.

و ذکروا لعالم الغیب – و تحت تأثیر الحکمة الافلاطونیة و مذهب المتصوفة- عدة تقسیمات، من قبیل: عالم الملکوت و عالم الجبروت، و یراد من عالم الملکوت عالم الحقائق و العقول و الارواح، و اما عالم الجبروت فهو عالم البرزخ حسب رأی البعض، یعنی العالم الاوسط بین الجسمانیات و الروحانیات، و یطلق علیه ایضا عالم المثال. و بعضهم من قال: بان عالم الجبروت هو عالم الاسماء و الصفات. و ذهب الغزالی الى اعتبار اللوح المحفظ ضمن عالم الملکوت، و ادرجه عبد الرزاق الکاشانی ضمن عالم الجبروت. و اما الملا صدرا فذهب الى کون العوالم ثلاثة: عالم العقل، و عالم الخیال، و عالم الحس. و أوصلها القیصری فی مقدمة شرح فصوص الحکم الى خمسة عوالم: عالم الاعیان الثابتة، عالم الملک، عالم العقول و النفوس المجردة، عالم المثال، و العالم الانسانی الجامع لجمیع العوالم. اما المتصوفة فقالوا: ان جمیع موجودات العالم تمثل العالم الکبیر، و لما کان الانسان مظهرا و جامعا لکافة العوالم من هنا اطلق علیه العالم الصغیر. و اما عالم اللاهوت ( یعنی العالم الالهی) فقد کثر استعماله عند الحلاج و هو یعادل الى حد ما عالم الغیب، و یقع فی مقابله عالم الناسوت ( المشتق من الناس و یعنی العالم الانسانی) و الذی یعادل عالم الشهادة.[12]



[1] میجیو کاکو (1389). فیزیک غیر ممکن­ها= فیزیاء اللاممکن، مترجم، جنابزاده، حمید، ص 204، روشنگران و مطالعات زنان، طهران.

[2]نفس المصدر، ص 204- 205.

[3]نفس المصدر 205.

[4] نفس المصدر، ص206.

[5]نفس المصدر، ص210.

[6]نفس المصدر، ص211.

[7]نفس المصدر، ص212.

[8]نفس المصدر، ص213.

[9] مایکل تالبوت (1385). جهان هولوگرافیک، مترجم، مهرجویی، داریوش، ص 87، طهران، هرمس.

[10] «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِنْ بَنِی آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلی‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلی‏ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَةِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هذا غافِلِینَ».

[11] من قبیل الآیات 33، 107، 116، 117، 164، 255 و 284من سورة البقرة.

[12] غلامحسین مصاحب (1380). دائرة المعارف الفارسیة، ج 2. طهران: علمی و فرهنگی، ص1653.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279499 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257422 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128239 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113395 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89054 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59927 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59618 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56915 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49881 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47232 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...