بحث متقدم
الزيارة
128017
محدثة عن: 2012/03/12
خلاصة السؤال
ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
السؤال
ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
الجواب الإجمالي

يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و يظن سوءً بأقوال الآخرين و أفعالهم و يري ما تخيله حقيقة ثم یأخذ بترتیب الآثار عليه.

أما دائرة سوء الظن فهي: سوء الظّن بالله و سوء الظّن بالناس و سوء الظّن بالنفس. و القسمان الأولان یعتبران من الأوصاف الرذيلة و من الكبائر المذمومة في الإسلام. و من الراجح أن أسباب سوء الظن في المظنون عبارة عن: وضع نفسه في مواضع التهمة و الجلوس مع الأشرار و أشخاص السوء. أما الأسباب الداعية الى حصول هذه الحالة المرضية لدى الظانّ فهي عبارة عن: الضعف النفسي و الإنحراف الباطني و التسرع في إصدار الحكم و عدم الإيمان.

الجواب التفصيلي

التعاليم الإسلامية ترى أن الروابط الإجتماعية في مرحلة التفكير يجب أن تكون قائمة على أصول "حبّ الخير" و "المحبة و المودة" و "حسن الظّن"، بمعنى أن المسلمين يجب أن تكون صفحة رؤيتهم و نيّتهم عن إخوتهم و أخواتهم في الدين حسنة و جميلة، فيجدر بالانسان المسلم أن يحمل في عقله و ذهنه صفة سلامة النية و النصيحة و الحبّ و ابتغاء السعادة للآخرين و يتجنّب التآمر و التواطؤ ضدهم.

أما في خصوص مورد السؤال فقد عبرت عنه تعاليمنا الدينية بعنوان "سوء الظن" و يمكن دراسة هذا المصطلح من عدة جهات:

1ـ معنى سوء الظن

سوء الظن و سوء التخيل؛ يمعني الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و يظن سوءً بأقوال الآخرين و أفعالهم و يري خياله حقيقة و يرتب أثراً عليه. فلو رأى رجلاً يتحدّث مع إمرأة فيخطر بذهنه أن بينهما علاقة غير مشروعة و أن حوارهم هذا حوار غزل و... و في العمل يتعامل معه على إنه إنسانٌ خليع، فاسد، لا يتورّع عن النظر إلى غير المحارم و عندئذٍ يفقد الثقة به، فهذه الحالة تسمّى سوء الظن و صاحبها يسمّى سيء السريرة و سيء الظن و سيء التفكير.

2ـ دائرة سوء الظن

الف) سوء الظن بالله: سوء الظن بالله هي حالة اليأس من الرحمة الإلهية الواسعة، و التي تعد من الذنوب الكبيرة.

فقد روي عن النبي الاكرم (ص): "أكبر الكبائر سوء الظّنّ بالله "[1] فعلى الإنسان المؤمن أن يخاف و يقلق من العذاب الإلهي و لكن في الوقت نفسه لا ينبغي له القنوط واليأس من الرحمة الإلهية، فيجب عليه العمل بواجباته و تكاليفه مع خلوص النية لله تعالى، و يخاف من ذنوبه كل ذلك مع رجائه و أمله برحمة ربّه.

عن الإمام الرضا (ع): "أحسن بالله الظن فإن الله عزّوجلّ يقول: أنا عند ظنّ عبدي إن خيراً فخير و إن شراً فشر"[2]

ب) سوء الظن بالناس: سوء الظن بالناس هو أن يتخيّل الإنسان و يظنّ بأفراد المجتمع سوءً من غير أن يصدر منهم عمل غير يبرر سؤء الظن بهم، ثم بعد ذلك يرتّب الأثر على و ساوسه و أوهامه. و هذا النوع من إساءة الظن يعد من الصفات الرذيلة و من الذنوب شأنه شأن النوع الأول أي (سوء الظن بالله)، فعن أمير المؤمنين (ع): "سوء الظنّ بالمحسن شرّ الإثم و أقبح الظلم". [3]

ج) سوء الظن بالنفس: سوء الظن بالنفس هو أن يعتبر الإنسان نفسه دائماً مقصراً في مقابل أداء حقوق الخالق و المخلوقين، و هذا النوع من سوء الظن على خلاف ـ القسمين الأولين ـ ليس فقط لا يعد ذنباً بل يعتبر من الصفات البارزة و من خصال المؤمنين الخلّص، لأنه يستوجب سعياً أكثر في سبيل إطاعة و عبادة الله سبحانه و يحفظ الإنسان من الغرور و الغفلة.

عن أمير المؤمنين (ع): "إن المؤمن لا يمسي و لا يصبح إلّا و نفسه ظنون عنده فلا يزال زارياً عليها و مستزيداً لها". [4]

3ـ ذم سوء الظن في الإسلام

سوء الظن يعتبر من الأمراض الأخلاقية الخطرة. فمن غطّى غبار سوء الظّن صفحة قلبه الصافية، لا يرى الآخرين على جمالهم و لا يمكنه درك الواقع، و قد حذّر الإسلام أتباعه من هذه الصفة تحذيراً شديداً. فقد جاء في القرآن الكريم"يَأَيهُّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ الظَّنّ‏ِ إِنَّ بَعْضَ الظَّنّ‏ِ إِثْمٌ  وَ لَا تجَسَّسُواْ وَ لا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا  أَ يحُبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ  وَ اتَّقُواْ اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم". [5] و يقول في آية أخرى: "وَ لا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ  إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كلُ‏ُّ أُوْلَئكَ كاَنَ عَنْهُ مَسْؤولا". [6]

كما أن النبي الاكرم (ص) يقول: "إن الله تعالى حرّم من المسلم دمه و ماله و أن يظن به ظن السوء". [7]

و عن أمير المؤمنين (ع): "إجتنبوا سوء الظّن بالآخرين، فإن الله قد نهى عنه". [8]

و يقول في مكان آخر"سوء الظّن بمن لا يخون من اللؤم". [9]

4ـ أسباب سوء الظن

ما هي الأعمال التي تؤدي إلى إساءة الظن بالآخرين؟ بعبارة أخرى، ما هي أسباب إساءة الظن بالآخرين؟

في الجواب عن هذا السؤال يجب القول: بان أسباب سوء الظن على نوعين، تارّة تكون الأسباب في الشخص الظانّ و تارة تكون في المظنون به.

أما ما كان في الشخص الظانّ فهي عبارة عن:

الف) ابتلاء الإنسان السيء الظن بضعف و جريرة خاصة، تؤدي به إلى إساءة الظن بالآخرين. يقول الإمام علي (ع) في هذا المجال: "الشّرّير لا يظّن بأحدٍ خيراً لأنه لا يراه إلا بطبع نفسه".[10]

ب) عدم الإيمان أو ضعفه يؤدي بالإنسان إلى سوء الظن، كما يقول الإمام علي (ع): "لا دين لمسيء الظّنّ".[11] كما يقول (ع): "لا إيمان مع سوء الظنّ".[12]

ج) اللؤم الباطني و الإبتعاد عن الأخلاق الحسنة و الشخصية الإنسانية يؤدّيان بالشخص إلى سوء الظن، حيث يقول الإمام علي (ع): "سوء الظّنّ بمن لا يخون من اللؤم". [13]

أما المسائل التي تؤمن أسباب إساءة الظن في الطرف المقابل (المظنون به) فهي:

الف) وضع الشخص نفسه موضع التهمة: قد يضع الإنسان نفسه في معرض التهمة و سوء الظن من قبل الناس، أي يعمل عملاً يوجب إساءة ظنّ الآخرين به، فهذا العمل حرام في الإسلام، لأن الإنسان هنا بإرادته يعرض نفسه لتوجيه سوء ظنّ الآخرين له و يهيأ مقدمات التهمة.

عن أمير المؤمنين (ع): "المرء حيث يجعل نفسه من دخل مداخل السوء إتّهم، من عرض نفسه التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظّنّ". [14]

"رُوي أن النبي الاكرم (ص) كان يكلّم زوجته صفّية بنت حي ابن أخطب، فمرّ به رجلٌ من الأنصار، فدعاه رسول الله، و قال: يا فلان! هذه زوجتي صفيّة. فقال: يا رسول الله! أفنظنّ بك إلاّ خيراً؟ قال: إن الشيطان يجري من إبن آدم، فخشيت أن يدخل عليك"[15].

ب) مجالسة الأشرار: من الطبيعي أن الاشرار من الناس و المنحرفين لا يروق لهم ان يروا المؤمنين و الصالحين على ما هم عليه من الايمان و الصلاح و من هنا يحاولون متابعة زلاتهم و احصاء عثراتهم ان وجدت، فلو رأوا فيهم ضعفاً صغيراً حاولوا تضخيمه و تعظيمه و إن لم يجدوا فيهم ضعفاً يختلقون ذلك و يفترون عليهم.

و من الواضح أن مجالسة هؤلاء الناس تجعل الإنسان يظن السوء حتى بالأفراد الصالحين و الخيرين و يفسّر أعمالهم و آراءهم و يحلّلها على العكس مما هي عليه و يري أعمالهم الحسنه قبيحة. فعن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار".[16]

5ـ أضرار سوء التفكير:

لسوء الظن تبعات مقيتة تلم بالحياة الفردية و الإجتماعية للإنسان نشير إلى بعضها:

الف) الآثار الفردية

أولاً: العزلة و الابتعاد عن الناس: الحياة الإجتماعية قائمة على أساس الأنس و الإلفة و الثقة المتبادلة بين البشر، فإذا ظن الناس بغيرهم سوءً تزول الثقة المتبادلة و يحل النفور و الإبتعاد عن الناس محل الأنس و الإلفة و يفرّ الشخص المسيء بالظنّ من الآخرين و يبتعد عنهم و يصبح وحيداً.

عن الإمام علي (ع): "من لم يُحسن ظنّه استوحش من كل أحد".[17]

ثانياً: فساد العبادة: سوء الظن بالآخرين و ترتيب الأثر على ذلك، يفسد عبادة الإنسان و يتحفه بحمل ثقيل من الذنوب. عن الإمام علي (ع): "إياك أن تُسيء الظّنّ فإنّ سوء الظّنّ يُفسد العبادة و يعظّم الوزر".[18]

فالإنسان عندما يسيء الظّنّ بالآخرين، يقضي بحقهم قضاءً باطلاً و يتبعه الكلام البذيء ضدّهم و إستغابتهم و اعتبار نفسه أفضل منهم. و أخيراً تكون نتيجة هذه الأعمال، الخواءَ و فسادَ العبادة و من جهة أخرى لو وضعنا هذه الصفات و الأعمال الرذيلة جنب سوء الظّنّ لثقل وزر هذا الإنسان.

ثالثاً: الهلاك: سوء الظن من الأمراض الروحية الخطرة، فالشخص الظّانّ سوءً معذّب دائماً يعيش المرارة و الالم في قلبه دائما بسبب الأفكار و الخيالات الباطلة، و من هنا يقضي على سلامة نفسه شيئاً فشيئاً و بالنتيجة يهلك نفسه بسبب اليأس الناشيء من سوء الظن.

عن أمير المؤمنين (ع): "سوء الظّنّ يردي مصاحبه و يُنجي مجانبه".[19]

ب) الآثار الإجتماعية

أولاً: انعدام الثقة المتبادلة: سوء الظن، يُزيل الثقة الجماعية و يلوّثها و يذهب بأمن المجتمع بحيث لا تبقى ثقة و إطمئنان بين أفراده، فافراد المجتمع كلٌّ ينظر إلى الآخر بعين الخيانة و يفرّ منه.

وقد رصد أمير المؤمنين (ع)هذه الظاهرة فحذر منها حينما قال: "شرّ النّاس من لا يثق بأحدٍ لسوء ظنّه، و لا يثق به أحدٌ لسوء فعله".[20]

ثانياً: فساد الأعمال و تشجيع الآخرين على الشرّ: من آثار سوء الظن هو جرّ الأعمال الصالحة نحو الفساد، لأن سوء الظنّ يؤدي إلى انعدام الثقة، الامر الذي يؤدي الى صدور ردود فعل معاكسة من الآخرين بحيث يقوموا بتصرفات متصنّعة ـ لأجل جلب الثقة ـ تجرّ إلى الإخلال بأعمال الآخرين أو بإيجاد المشاكل و تعقيد الأمور بدل الأفعال التي تنطلق من دواعي الشفقة و الحب للآخرين. و بعبارة أخرى، سوء الظنّ، يجر الإنسان الصالح و المطمئن إلى استعمال الأساليب الخاطئة.

عن أمير المؤمنين (ع): "سوء الظنّ يُفسد الأمور و يبعث على الشرور". [21]

الثالث: تدهور العلاقات الأخوية: سوء الظّنّ بالأصدقاء، يسبب تدهور العلاقات فيما بينهم، و يعرض الصداقة و الإخوة إلى الزوال و الضياع. عن أمير المؤمنين (ع): "من غلب عليه سوء الظّنّ لم يترك بينه و بين خليلٍ صلحاً". [22]

6ـ طرق مكافحة سوء الظن

هناك عدة طرق للقضاء على سوء الظن نتناول شرحها الآن:

الف) إصلاح النفس: سوء الظن يصدر من الأشخاص المذنبين الأشرار ذوي الطبيعة السيئة، و هذا يعني أن الأفراد الفاسدين المذنبين، يقارنون الآخرين بانفسهم و يرون انعكاس ذنوبهم و رذائلهم فيهم، لذلك يرون الجميع مثل أنفسهم لهم نفس خصالهم. فسيء الظّنّ يتحتّم عليه للقضاء على هذه الحالة قبل كل شيء ان يهتم بإصلاح عيوبه، حتى إذا ما قارن الآخرين بنفسه، لا ينجر إلى سوء الظّنّ بهم. من جهة أخرى، يجب عليه أن لا يفرض إن الآخرين مثله، فلعلّهم يملكون نفسية أفضل و أحسن. لذلك ليس من الجدير أن يجعل سيئاته ملاكاً لرمي المتهم للآخرين و يظن باخوته في الدين ظن السوء. إذن أحد طرق مكافحة سوء الظن هي إصلاح عيوب الننفس.

عن أمير المؤمنين (ع): "يا أيها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس".[23]

ب) حمل عمل المسلمين على الصحة: إن القاعدة الكلية عن الأفراد المسلمين هي أن الفرد المسلم ظاهر الصلاح، ليس له أفكار سيئة و لا يأتي بالقبيح من الأعمال و ليس على ضلال، و بحكم الإسلام إنه منزّه من كثير من الرذائل و الأعمال القبيحة. لذلك فالأعمال التي يراها المسلمون من إخوتهم، يجب حملها على الصحة مهما أمكن و كان لها توجيهاً مقبولا، كما يجب الإمتناع و التورّع عن حمل أعمال و أقوال الآخرين على غير الصحة. و هذا طريق آخر من طرق مكافحة سوء الظن.

عن الإمام علي (ع): "ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك و لا تظنّن بكلمة خرجت من أخيك سوءً و أنت تجد لها في الخير محملاً". [24]

ج) إتّقاء التسرّع: أحد طرق مكافحة سوء الظن هو إذا سمع الإنسان شيئاً عن أخيه المسلم عليه ألا يتسرّع في القضاء و ترتيب الأثر. بل يصبر حتى يتأكد من صحة الخبر أو تكذّيبه. فإذا اطمأن للتأكيد عندئذٍ لا بأس بترتيب الأثر.

عن النبي الأكرم (ص): "... و إذا ظننت فلا تقض ...". [25] و عن أمير المؤمنين (ع): "أيها الناس من عرف من أخيه و ثيقة دين و سداد طريق فلا يسمعنّ فيه أقاويل الناس أما إنه قد يرمي الرامي و يُخطيء السهام و يحيل الكلام و باطل ذلك يبور و الله سميع و شهيد". [26]

د) التأمل في اضرار سوء الظن: أحد طرق مكافحة سوء الظن هو، التأمل و التفكير في الإضرار الفردية و الإجتماعية المترتبة عليه.

7ـ موارد جواز سوء الظّنّ

هل إن سوء الظّنّ مذموم دائماً؟

قد يخطر هذا السؤال في ذهن أحد و هو هل إن سوء الظن بأي أحد، و في كل وقت قبيح، أم أن هذا الأمر يختلف حسب الزمان و الأفراد؟

ففي الجواب يجب القول، أن ما جاءنا في الروايات هو إن سوء الظن قد يجوز في بعض المواقع بل قد يجب، نشير إلى بعض هذه المواقع:

الف) زمان غلبة الفساد: ففي المحيط الذي عم الفساد أكثر أفراده و شاعت فيه المعاصي و الذنوب، يكون حسن الظن في هذا المحيط عملا غير منطقي و غير محبذ و قد يؤدي إلى خداع الإنسان و ضرره.

عن أمير المؤمنين (ع): "إذا استولى الفساد على الزمان و أهله، فأحسن رجلٌ الظّنّ برجل فقد غُرِر".[27]

روي انه كانت لإسماعيل بن عبد الله (ع) دنانير و أراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال إسماعيل: إن فلاناً يريد الخروج إلى اليمن و عندي كذا و كذا ديناراً فترى أن أدفعها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟ فقال ابو عبد الله (ع): أما بلغك إنه يشرب الخمر؟ فقال إسماعيل: هكذا يقول الناس؟ فقال: يا بني لا تفعل. فعصى إسماعيل أباه و دفع إليه دنانيره فاستهلكها و لم يأت بشيء".[28]

تجدر الإشاره هنا إلى إن الإنسان في هذا المحيط يجب عليه أن لا يرتب الأثر على سوء ظنّه إلّا فيما له دخل بالموارد الإحتياطية، أي يجب عليه إضافة إلى رعاية الاحتياط، عدم التظاهر بالأعمال التي يفهم منها سوء الظّن و عدم الثقة بالأفراد. و بعبارة أخرى يتحتّم عليه أن يكون حذرا ذكياً في هذه الموارد و يراعي الاحتياط حتى لا ينخدع.

ب) بعد الصلح مع العدو: حسن الظن بالعدو بعد الصلح يدل على السذاجة و عدم الحنكة. فالمسلم يجب أن يكون دائماً حذراً ذكياً لا يخدع بأحابيل خصمه، فقد يكون صلحهم حيلة جديدة لإغفال المسلمين و التسلّط عليهم.

عن أمير المؤمنين (ع): "الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه فإن العدو ربّما قارب ليتغفل فخذ الحزم و اتّهم في ذلك حسن الظن". [29]

ما يلزم قوله هنا، إن حسن الظن بالفاسق لا مجال له حسب القاعدة، طبعاً الفاسق المتجاهر بالفسق، لأن الثقة بالشخص الذي يخالف الله جهرة و بكل جرأه و جسارة أيضاً تعبّر من السذاجة. [30]

لمزيد من الاطلاع راجعوا موضوع: الإنسان و سوء الظن، السؤال 9141 (الموقع: 9168)

 


[1] پايندة، أبو القاسم، نهج الفصاحة، ص 234، دنيا العلوم، طهران، 1382 ش.

[2] الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا (ع)، ج 2، ص 20، انتشارات العالم، 1378 ق.

[3] الآمدي، عبد الواحد، غرر الحكم و درر الكلم، ص 263، انتشارات دفتر التبليغات، قم، 1366 ش.

[4] نفس المصدر، ص 90.

[5] الحجرات، 12.

[6] الإسراء، 36.

[7] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 72، ص 201، مؤسسة الوفاء، البيروت، 1404 ق.

[8] نفس المصدر، ص 174، ح 4.

[9] غرر الحكم و درر الكلم، ص 263.

[10] نفس المصدر، ص 105.

[11] نفس المصدر، 264.

[12] نفس المصدر.

[13] نفس المصدر، ص 263.

[14] بحار الأنوار، ج 75، ص 93.

[15] النراقي، ملا مهدي، جامع السعادات، ج 1، ص 319.

[16] بحار الأنوار، ج 71، ص 191.

[17] غرر الحكم و درر الكلم، ص 254.

[18] نفس المصدر، 263.

[19] نفس المصدر.

[20] نفس المصدر.

[21] نفس المصدر.

[22] نفس المصدر، ص 264.

[23] نهج البلاغة،ص 255، انتشارات دار الهجرة، قم.

[24] بحار الأنوار، ج 72، ص 196.

[25] نفس المصدر، ج 74، ص 155.

[26] نفس المصدر، ج 72، ص 197

[27] نفس المصدر.

[28] الكليني، كافي، ج 5، ص 299، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365 ش.

[29] بحار الأنوار، ج 33، ص 610.

[30] مقتبس من برمجية (زمزم الأخلاق)، توليد مركز التحقيقات الكامپيوترية للعلوم الإسلامية (نور)، (مع التلخيص و التنقيح).

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • اذکروا لی عدة مصادر حول بحث المعاد
    4588 الکلام القدیم 2008/08/23
    من المصادر المعتمدة فی بحث المعاد ما یلی:1. دلیل المیزان فی تفسیر القرآن، للمرحوم العلامة الطباطبائی.2. الفهرست الموضوعی لتفسیر الأمثل، لآیه الله مکارم الشیرازی من ص 181 الی ص 238. 3. معرفة المعاد، للمرحوم آیة الله محمد حسین الحسینی الطهرانی.4.شرح تجرید الاعتقاد، للعلامة الحلی، مع شرح المرحوم آیة الله ...
  • هل ان الغسل باکثر من صاع من الماء یعد إسرافاً؟
    5640 الحقوق والاحکام 2012/06/19
    فی الغسل الترتیبی یجب علی المکلف غسل جمیع أعضاء الغسل بالترتیب. و هنا ربما امکن شخص ان یغتسل بمقدار صاع من الماء (3 کیلو غرام) بینما یغتسل شخص آخر باکثر من هذا المقدار. فذلک یتوقف إذن علی یقین المکلف بغسل جمیع أعضاء الغسل، اذا لم یستتبع ...
  • کیف جمع القرآن الکریم؟
    6365 علوم القرآن 2010/07/15
    المستفاد من تاریخ جمع القرآن أن رسول الله(ص) هو الذی عین مواضع آیات القرآن الکریم، و لم یکن الأمر خاضعاً لأمزجة الصحابة ورغباتهم، فکلما نزلت آیة قرآنیة یشیر النبی(ص) بوضعها فی مکانها، و أن القرآن الموجود و المتداول بین أیدینا هو القرآن الذی جمع فی عهد عثمان ...
  • هل یوجد دلیل على جواز اللطم على الإمام الحسین (ع)؟
    10099 الکلام القدیم 2011/07/21
    إقامة العزاء على الإمام الحسین (ع) من فروع المذهب الشیعی، و هناک أدلة کثیرة تؤید ذلک، و أما فیما یخص کیفیة إقامة العزاء فیمکن القول: ما دامت الکیفیة التی یقام بها العزاء لا تتنافى مع أصل من أصول الإسلام و لا مع آیة قرآنیة أو روایة ...
  • بالنظر الی الحرب الشاملة ضدّ الإسلام، ما هو واجبنا اتجاه ذلک؟
    4546 الحقوق والاحکام 2009/12/22
    إنه و کما قلت فإن الحرب الشاملة قد شنّت الیوم ضد الإسلام فی المجال العسکری و الإعلامی و الثقافی و الفنی و التاریخی و ... و کما یقول النبی (ص) فی حدیثه النورانی "کلّکم راعٍ و کلّکم مسؤول عن رعیته"[1] ...
  • هل صحیح ما نسب فی کتاب "أسرار اللطیفة و الکسیلة" إلى الخواجة نصیر؟
    5028 العملیة 2010/11/21
    النص الذی أشرت إلیه فی سؤالک هو مقطع من کتاب طرائف باسم "الأسرار اللطیفة و الکسیلة" منسوب لشخص هو "أبو الحسن الکسلانی" ومع ما بذلناه من جهد و البحث الکثیر فی کتب الأعلام و فهارس الکتب المعتبرة لعلماء الشیعة من قبیل: «الذریعة إلى تصانیف الشیعة» ...
  • لماذا نقول نحن الشیعة (الحمد لله رب العالمین) بعد قراءة سورة الحمد؟
    6963 الحقوق والاحکام 2011/01/09
    توجد بیننا و بین أهل السنة بعض الاختلافات الشکلیة. کالتکتف فی الصلاة من قبل الکثیر من أهل السنة، طریقة الوضوء و اختلاف السنة مع الشیعة فیها و … و هذه الاختلافات یمکن القول عنها أنها اختلافات شکلیة فی المسائل الفقهیة، و سبب هذه الاختلافات یرجع إلى مسائل کلیة و عامة ...
  • وفقا لرأی الشیعة کیف یمکن تواجد الإمام فی کل مکان؟
    6576 الکلام القدیم 2009/01/10
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • إذا کان الإتیان بالغسل في شهر رمضان مصاحباً لرمس الرأس في الماء فهل هذا العمل (رمس الرأس) موجب لبطلان الصوم؟
    5402 الحقوق والاحکام 2012/03/12
    أکثر المراجع لا یُجوّزون الغسل الارتماسي في شهر رمضان و إذا أتی به الصائم متعمّداً فیبطل صومه مع غسله. نعم، إذا جاء بالغسل ناسیاً أو غیر عالماً بالحکم فصومه و غسله صحیح. [1] لذلک، یجب علی هذا الشخص الاغتسال ترتیبیّاً أو ...
  • هل أن مقام الأئمة أفضل من مقام الأنبیاء؟
    8394 الکلام القدیم 2011/01/20
    اشارت الروایات الکثیرة الى أفضلیة المقام العلمی للائمة علیهم السلام بالنسبة الى الانبیاء، و الدلیل الاساس لهذا المدعى هو الوحدة النورانیة و الباطنیة للائمة (ع) مع النبی الاکرم (ص)، و بما أنه (ص) أفضل من جمیع الانبیاء و علوم الائمة مستقاة منه (ص) ومن منبع واحد فمن ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279312 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256756 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128017 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112664 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88886 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59528 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59318 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56790 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49250 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47092 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...