بحث متقدم
الزيارة
5628
محدثة عن: 2009/05/30
خلاصة السؤال
لماذا ورد فی زیارة عاشوراء اللعن مائة مرّة أولاً ثم السلام مائة مرة؟
السؤال
لماذا ورد فی زیارة عاشوراء اللعن مائة مرة أولاً ثم السلام مائة مرة؟
الجواب الإجمالي

اللعن لغةً بمعنی الطرد و الإبعاد، و حینما یکون من قبل الله فهو بمعنی العقوبة و العذاب الأخروی.

و السلام بمعنی طلب نوع من الحیاة المقترنة بالسلامة من ذات الله تعالی للمخاطب و هناک عدّة احتمالات حول سبب تقدّم اللعن علی السلام و هی:

1. ان تقدم ذکر اللعن علی السلام هو بقصد موافقة الشعار الأساسی للأدیان الالهیة أی لا اله الا الله، حیث ان العقیدة التوحیدیّة الأصلیة لا تتحقّق الا بعد ان ینفی کل معبود آخر.

2. تقدّم ذکر اللعن علی السلام هو بقصد الموافقة مع الأساس الأخلاقی فی تقدّم التزکیة و التطهیر علی التحلّیة و التحسین، حیث إن الوعاء الوجودی للانسان إنما یمتلئ و یروی من ماء الولایة الصافی، إذا لم یکن ملوّثاً بأی میل و هوی لأعداء الولایة.

3. تقدم اللعن علی السلام و تکراره فی زیارة عاشوراء أکثر من السلام یوضح حقیقة أن لعن قاتلی سید الشهداء هو من الأهداف الأساسیة للزیارة.

الجواب التفصيلي

اللعن یعنی طلب الإبعاد عن رحمة الله تعالی للشخص الملعون، و هو عقوبة و عذاب الهی کما یظهر من آیات القرآن الکریم.[1]

و السلام علی الأئمة و ان کان بمعنی طلب نوع من الکمال الرفیع و العاری من أی نقص و ضعف، من ذات الله تعالی الی هؤلاء المعصومین (ع)،‌ و لکن بناء علی معناه اللغوی یکون إظهاراً لنوع من الأدب و نهایة الموافقة مع المخاطب المسلّم علیه.[2]

و یمکن ذکر بعض الإحتمالات حول تقدم اللعن علی السلام:

1. ان الشعار الأساسی لجمیع الأدیان الالهیة هو لا إله إلا الله (و ما أرسلنا من قبلک من رسول إلا نوحی الیه انه لا إله الا أنا فاعبدون) [3] (فمن یکفر بالطاغوت و یؤمن بالله فقد استمسک بالعروة الوثقی لا انفصام لها).[4]

ان هذه الآیات تعطی ان التوحید الخالص لا یتحقق الا بعد أن تنفی جمیع أنواع الشرک فلا یکون مشوباً بها. و اللعن الذی هو نوع من البراءة متقدّم علی السلام الذی هو نوع من التولّی، لانه و کما ورد فی الروایات فان الشخص المتولّی و غیر متبرّی هو مثل الإنسان الأعور الذی شاهد الفضائل و لکنه لم یری الرذائل [5] و فی روایة اخری ان من یکون له تولی و لیس له تبری هو کذّاب.[6]

و بناء علی هذا فیمکن ان یکون تقدم اللعن علی السلام إشارة و تأکید علی هذه الحقیقه الدینیة.

2. ان لعن الملعونین هو لأجل قبائحهم و السلام علی‌ المعصومین (ع) هو لأجل حسن سیرتهم؛ و الإسلام یری ان الرضا و عدم الرضا عن عملٍ ما هو بمنزلة القیام بذلک العمل.[7]

و بناء علی الأصل الأخلاقی القائل بانه یجب فی بناء الذات إزالة الخبائث و الصفات الذمیمة أولاً ثم إکتساب الحسنات، ففی زیارة عاشورا، یتم أولاً ابعاد خبائث الملعونین عن دائرة کمال وجود الإنسان لکی لا تختلط بحسنات المعصومین (ع) التی تحصل بواسطة السلام.

3. ورد فی القرآن الکریم اللعن [8] و السلام ایضاً [9]، کما ورد فی زیارة عاشوراء، و لکن موارد اللعن فی القرآن و فی زیارة عاشوراء هی أکثر من موارد السلام؛ فمثلاً فی زیارة عاشوراء تکرّر اللعن 21 مرة و السلام 12 مرة و تقدّم اللعن علی السلام کتکرار اللعن أکثر یمکن أن یکون إشارة الی هذه الحقیقة و هی ان اللعن أکثر أهمیة حیث إنه یکرّر و یقدّم فی الذکر أیضاً.



[1] الأحزاب، 57؛ آل عمران، 87.

[2] فیما یتعلّق بالسلام فی القرآن، و معنی السلام علی المعصومین (ع) و کیفیة جوابه، راجع: جوادی الآملی، عبد الله، ادب فناء المقربین، شرح الزیارة الجامعة الکبیرة، ج 1، ص 89 - 107.

[3] الانبیاء، 25، و آیات آخری منها، البقرة، 163 و 255؛ آل عمران، 6 و 62 و و ... .

[4] البقرة، 256.

[5] بحار الأنوار، ج 65، ص 63، المکتب الإسلامی.

[6] نفس المصدر، ج 27، ح 18، ص 58.

[7] قال الإمام الرضا (ع): (لو أن رجلاً قتل بالمشرق فرضی بقتله رجل فی المغرب لکان الراضی عند الله عز و جل شریک القاتل، بحار الأنوار، ج 45، ص 295، ح 1. و الآیات و الروایات کثیرة فی هذا المجال، یراجع علل الذم القرآنی لبنی إسرائیل بسبب أعمال أبائهم و امهاتهم.

[8] البقرة، 88، 89، 159، 188؛ آل عمران، 61 و 87؛ النساء، 46، 47، 52،‌93، 118 ،‌87؛ المائدة،‌13، 64،‌78 و موارد اخری مذکورة فی القرآن.

[9] الأنعام، 54؛ الأعراف، 46، یونس، 10؛ هود،‌ 69؛ الرعد، 24 و موارد اخری مذکورة فی القرآن. لکن عدد الأفراد الذین وقعوا مورداً للعن و عدد اللاعنین و عدد الآیات المتعلقّة بهم هی أکثر من موارد السلام.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279426 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257208 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128129 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113212 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88983 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59822 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59534 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56848 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49712 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47156 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...