بحث متقدم
الزيارة
7656
محدثة عن: 2008/11/13
خلاصة السؤال
ما هو الفرق بین دار الحسرة و یوم الحسرة؟
السؤال
افتراق دار الحسرة عن یوم الحسرة، افتراق هاتین الکلمتین واضح من الناحیة اللغویة، و ارید ان أعرف کیف یتم البحث عن هاتین المرحلتین؟
الجواب الإجمالي

لم یرد تعبیر (دار الحسرة) فی القرآن و الروایات، و وردت عبارة (یوم الحسرة) بمعنی یوم التحسر و الندم علی الامور التی فاتت الانسان مرة واحدة فی القرآن و استعملت فی الروایات بکثرة، و المراد بیوم الحسرة فی القرآن و الروایات هو یوم القیامة و (الحشر) و ذلک لأنه فی یوم الحشر سوف یتحسر أهل الجنة من أنه کان یمکنهم ان یکونوا أفضل من هذا و ان یصلوا الی درجات أعلی و أهل النار یتحسرون و یتمنون ألا یکونوا مذنبین و من أهل جهنم.

الجواب التفصيلي

ورد التعبیر فی القرآن عن القیامة و المنزل الأصلی للانسان بأسماء مختلفة منها: الواقعة، الراجفة، الطامة، الصاخة، الحاقة، یوم الفصل، یوم الندم، یوم النشور، یوم الحق، یوم المسألة، یوم الحساب، یوم المحاسبة و یوم التلاق و یوم الحسرة ... .

معنی الحسرة:

المعنی الأصلی للحسرة هو الانکشاف و الوضوح.[1] و قیل انه قد سمی یوم القیامة بیوم الحسرة لانه یوم تنکشف فیه الحقائق و الاسرار[2] الیوم الذی تنکشف فیه الاسرار الباطنیة للشخص.[3] و قد استعملت الحسرة بمعان أخری أیضاً منها (الندم) لأجل الشیء المفقود و غیر القابل للتدارک. و حیث انه و علی أثر انکشاف الحقائق سوف یندم الانسان ندماً شدیداً فقد سمی ذلک الیوم بیوم الحسرة. و هذا الاستعمال فی الحقیقة استعمال فی لازم المعنی فهو استعمال مجازی.

و قیل أیضاً بأن الحسرة تستعمل بمعنی (توقف الحرکة) أیضاً. و علی هذا: فلأن الانسان فی القیامة یتوقف عن الحرکة و لا یمکنه أن یفعل شیئاً و ینتهی عمله یؤمئذ و کما یقول القرآن: "و أنذرهم یوم الحسرة إذ قضی الأمر" و انه لا یمکنه أن یتدارک ما مضی فلذلک سمی یوم الحشر بیوم الحسرة. و کذلک ورد أیضاً بمعنی (التحیر) و انه سمی یوم القیامة بیوم الحسرة لأن الانسان یکون حائراً یومئذ مما یری من المشاهد الجدیدة و العجیبة.[4]

و لم یرد تعبیر (دار الحسرة) فی المتون الدینیة الاصلیة من الآیات أو الروایات، و لکن وردت عبارة (یوم الحسرة) فی القرآن و فی الروایات أیضاً.

حیث ورد فی القرآن قوله تعالی: " و أنذرهم یوم الحسرة إذ قضی الامر و هم فی غفلة و هم لا یؤمنون".[5] یقول العلامة الطباطبائی فی تفسیر هذه الآیة:

ظاهر السیاق: ان قوله: "إذ قضی الامر" بیان لقوله (یوم الحسرة)، ففیه إشارة الی أن الحسرة انما تأتیهم من ناحیة قضاء الامر، و القضاء انما یوجب الحسرة اذا کان بحیث یفوت به عن المقضی علیه ما فیه قرة عینه و امنیة نفسه و مخ سعادته الذی کان یقدر حصوله لنفسه و لا یری طیباً للعیش دونه لتعلق قلبه به و تولهه فیه. و معلوم ان الانسان لا یرضی لفوت ما هذا شأنه و ان احتمل فی سبیل حفظه أی مکروه الاّ أن یصرفه عنه الغفلة فیفرط فی جنبه و لذلک عقب الکلام بقوله: "و هم فی غفلة و هم لا یؤمنون".[6]

ان یوم القیامة هو الیوم الذی یتحسر فیه الناس لأجل تقصیرهم فی طاعة الله.[7]

یقول أمیر المؤمنین علی (ع): "فیالها حسرة علی ذی غفلة ان یکون عمره علیه حجة و ان تؤدیه أیامه الی شقوة".[8]

و قد نقل فی تفسیر هذه الآیة روایة جمیلة فی المصادر الشیعیة و فی مصادر أهل السنة أیضاً باختلاف یسیر حیث یقوم المعصوم (ع) بتفسیر الآیة بتمثیل جمیل، حیث سئل الامام الصادق (ع) عن تفسیر هذه الآیة فقال (ع): "ینادی مناد من عندالله و ذلک بعدما صار أهل الجنه فی الجنة و أهل النار فی النار: یا أهل الجنة و یا أهل النار هل تعرفون الموت فی صورة من الصور؟ فیقولون: لا، فیؤتی بالموت فی صورة کبش أملح فیوقف بین الجنة و النار ثم ینادون جمیعاً: اشرفوا و انظروا الی الموت فیشرفون ثم یأمر الله به فیذبح، ثم یقال: یا أهل الجنة خلود فلا موت أبداً و یا أهل النار خلود فلا موت أبداً. و هو قوله " و أنذر هم یوم الحسرة اذ قضی الامر و هم فی غفلة"، أی قضی علی أهل الجنة بالخلود فیها و قضی علی أهل النار بالخود فیها.[9]

و قد ورد فی بعض المصادر فی ذیل الحدیث: "فیفرح أهل الجنة فرحاً لو کان أحد یومئذ میتاً لماتوا فرحاً، و یشهق أهل النار شهقة لو کان أحد میتاً لماتوا".[10]

نعم سوف یتحسر المذنبون فی ذلک العالم علی عدم إتیانهم بالأعمال الصالحة و یتحسر المطیعون أیضاً لعدم استزادتهم من الأعمال الصالحة. لیس یتحسّر أهل الجنة علی شیء الا علی ساعة مرت بهم لم یذکروا الله عزو جل فیها.[11]

یقول رسول الله (ص): "أشد الناس حسرة یوم القیامة رجل أمکنه طلب العلم فی الدنیا فلم یطلبه و رجل علم علماً فانتفع به من سمعه منه دونه".[12]

نعم "رالتوان فی الدنیا اضاعة و فی الأخرة حسرة".[13]



[1] العین، ج 3، ص 134، و لسان العرب، ج 4، ص 189.

[2] الطارق، 9.

[3] روض الجنان و روح الجنان، ج 13، ص 83.

[4] مریم، 39.

[5] مریم، 39.

[6] المیزان، ج 14، ص 51.

[7] التبیان، ج 7، ص 127.

[8] نهج البلاغة، خطبة 63.

[9] بحار الانوار، ج 8، ص 346 و ورد مایشابه هذه الروایة فی صحیح البخاری، ج 5، ص 236 و کذلک فی کثیر من مصادر السنة و الشیعة الاخری.

[10] بحار الانوار، ج 8، ص 345.

[11] کنز العمال، 245.

[12] نهج البلاغة، 1، 245.

[13] غرر الحکم، ح 1626.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279432 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257217 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128133 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113229 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88987 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59830 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59544 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56851 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49720 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47160 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...