بحث متقدم
الزيارة
6447
محدثة عن: 2008/11/09
خلاصة السؤال
ما هی فلسفة خطبة العقد؟
السؤال
الزواج یعنی رضا الطرفین، فماذا یعنی قراءة خطبة العقد؟ لماذا یحل أحدهما علی الآخر بمجرد التلفظ بأربع کلمات، و بدونها لا یمکنهم أن یفعلوا شیئاً؟
الجواب الإجمالي

یری الاسلام ان الزواج میثاق مقدس من أجل تکوین الاسرة و المجتمع، و له آثار و نتائج کثیرة منها: تلبیة نداء الغریزة الجنسیة و التولید و بقاء النسل، و تکامل الانسان و الاطمئنان و السکینة و الطهر و العفاف و تنمیة العواطف و کثیر من المواهب الاخری. و ان عقد هذا المیثاق لا یتم الا علی أساس مقررات و قوانین و شروط خاصة عینها الله تعالی فن تلک الشروط: إنشاء صیغة العقد بالفاظ خاصة (مذکورة فی الرسائل العملیة) و الله تعالی بوصفه شارعاً و مقنّناً قد أعطی القیمة و الاعتبار لهذه الالفاظ و جعل إنشاءها بعنوان صیغة العقد جزء السبب للزوجیة بین الرجل و المرأة.

و لیس معنی الزواج هو الرضا بین الطرفین فقط، بل ان رضا الطرفین هو أحد الشروط اللازمة فی الزواج التی یجب أن تتحقق مع الشروط الاخری و منها انشاء صیغة العقد لکی یتحقق الزواج الصحیح الشرعی.

و الزواج هو من الامور المهمة التی یترتب علیها التزام و مسؤولیة، و من الواضح انه فی الاعمال الکبیرة مثل إجراء المعاملات الکبیرة یقوم العقلاء بایقاع العقد و لا یکتفون برضا طرفی المعاملة، و ان مجرد رضا الطرفین لا یکفی لا یجاد الالتزام و المسؤولیة اللازمة فی مثل هذه الامور المهمة، و یعتقدون ان تثبیت هذه الالتزامات انما یتحقق فی اطار العقد.

الجواب التفصيلي

فی البدایة یلزم التذکیر بأهمیة الزواج و آثاره من وجهة نظر الاسلام:

یری الاسلام أن الزواج میثاق مقدس من أجل تکوین الاسرة و المجتمع، و له آثار و نتائج کثیرة منها: تلبیة نداء الغریزة الجنسیة و التولید و بقاء النسل و تکامل الانسان و الاطمئنان و السکینة و الطهر و العفاف و الحفاظ علی دین الانسان.

قال تعالی فی کتابه الکریم: "و من آیاته ان خلق لکم من انفسکم أزواجاً لتسکنوا الیها و جعل بینکم مودة و رحمة".[1] و یقول رسول الاسلام الاکرم (ص) حول الزواج أیضاً: "ما بنی بناء فی الاسلام أحب الی الله عز و جل من التزویج".[2]

و الزواج بقسمیه (الدائم و المؤقت) یحتاج الی عقد.

و العقد فی اللغة بمعنی (العقدة) و (الانعقاد). و فی الاصطلاح، رابطة توجد بین شخصین أو مجموعتین و تترتب علی أساسها التزامات و تعهدات لکل من الطرفین فی قبال الآخر.[3]

و القرآن الکریم أوجب علی المؤمنین العمل بالعقود الصحیحة و الانسانیة بقوله: "یا ایها الذین آمنوا أوفوا بالعقود".[4]

و طریق أیجاد العقد هو انشاء صیغته المتألفة من ألفاظ خاصة.

و عقد الزواج عبارة عن إیجاد علاقة مشترکة بین المرأة و الرجل تنشأ فی ظلّها حقوق و واجبات و مسؤلیات متقابلة.

اما ما هی الحاجة الی العقد؟ فینبغی القول:

ان العقلاء یستخدمون العقد فی الأعمال الکبیرة التی یترتب علیها التزام و مسؤولیة مثل إجراء المعاملات الکبیرة و لا یکتفون برضا الطرفین فی ذلک، و لا یعتبرون مجرد رضا الطرفین وافیاً بایجاد الالتزام و المسؤولیة اللازمة فی مثل هذه الامور و یعتقدون ان تثبیت هذه الالتزامات انما یتحقق فی اطار العقد.

و علی هذا، فلأن الزواج من الامور المهمة التی تترتب علیها التزامات فیجب ان یکون علی أساس المقررات و القوانین و الشروط الخاصة. و من تلک الشروط: انشاء صیغة العقد بالفاظ خاصة معینة من قبل الله بوصفه الشارع المقدس (و قد ذکرت الشروط فی الرسائل العملیة).[5]

ان رضا الطرفین و ان کان من الشروط اللازمة لکنه لا یکفی لوحده بل یجب توفر باقی الشروط معه.

و فی أهمیة الفاظ صیغة العقد ینبغی القول بعد أن جعل الله تعالی من شروط الزواج. انشاء صیغة العقد بالفاظ خاصة (الایجاب و القبول)، فانه فی الحقیقة قد أخرج هذه الکلمات من کونها ألفاظاً جافة و بلاروح، و جعل لها اعتباراً و قیمة و حولها الی أسباب مقدسة من أجل ایجاد الزوجیة بین إنسانین أجنییین (الرجل و المرأة).

إذن فقراءة صیغة العقد مع شروطها الخاصة (أن تکون بقصد الزواج و إرادته، و کونه جاداً و ... ) مع تلک الآثار و النتائج المبارکة التی تترتب علی ذلک، لیست قراءة أربع کلمات عادیة لکی یقال: ما هو أثر هذه الکلمات الاربعة؛ بل ان إنشاء صیغة العقد ایجاد لجزء من أسباب عقد النکاح، و لا یکفی الرضا القلبی من دون الصیغة، و لا الزواج العملی من دون صیغة و لا الصیغة الکتبیة و لا الاشارة، لا اذا کان الشخص عاجرا عن النطق کالاخرس و لایمکنه التوکیل فی إنشاء صیغة العقد ففی مثل ذلک تقوم الاشارة او الکتابة مقام الانشاء اللفظی.[6]



[1] الروم، 21.

[2] وسائل الشیعة، ج 20، ص 14.

[3] انظر: فرهنگ معارف اسلامى" معجم المعارف الاسلامیة" ؛ مفردات الفاظ القرآن ، مادة (عقد).

[4] مائده، آیه 1.

[5] انظر: السؤال 1238 (شرایط الزواج الموقت).

[6] تحریر الوسیلة، ص 246.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257244 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128140 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113244 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49732 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...