بحث متقدم
الزيارة
6113
محدثة عن: 2012/01/16
خلاصة السؤال
هل ان تقدم الامام الحسن (ع) فی الامامة علی الامام الحسین (ع) دلیل علی الافضلیة؟
السؤال
هل ان وجود الامام الحسن (ع) و الامام الحسین (ع) فی وقت واحد و کون الامام الحسن (ع) هو الامام اولاً یعتبر دلیلاً علی افضلیة الامام الحسن (ع)؟ و کیف هو الحال بالنسبة للامام علی (ع)؟ و هل هناک حدیث معتبر حول افضلیة إمام علی إمام آخر؟ ارجو أن تذکروا شیئاً حول الارجحیة الوجودیة للائمة ایضاً و هل ان اختلاف الائمة هو بالارجحیة الوجودیة لهم؟
الجواب الإجمالي

ان المعصومین الاربعة عشر (ع) جمیعهم خلقوا من نور واحد فهم متساوون من الناحیة الوجودیة و مقام الولایة التکوینیة و ان إمامة کل واحد منهم (ع) تکون بالامر و الاختیار الالهی، و ان وجد امتیاز لامام علی إمام آخر فی الاحادیث فذلک لاجل ان کل واحد من الائمة المعصومین (ع) کان یسلک افضل الطرق و الاسالیب المناسبة لظروف عصره الخاصة فیکون مظهراً لجانب من الاسماء و الصفات الالهیة. و قد کان الامام امیر المؤمنین (ع) و طبقاً لظروفه الخاصة مأموراً باعتماد نوع من السلوک و یظهر جانبا خاصا من الاسماء و الصفات الالهیة، و کذلک کان الامام الحسن (ع) و الامام الحسین (ع) و سائر الائمة (ع).

الجواب التفصيلي

من اللازم التأکید اولاً علی هذه الملاحظة و هی أن الامامة عهد الهی یثبت بجعل الله و اختیاره، فکما ان النبی یختار من قبل الله فکذلک تعیین الامام ایضاً یجب ان یکون من قبل الله تعالی، و قد حدد نبی الاسلام (ص) عدد الائمة و اسماءهم فی روایات عدیدة. و کنموذج علی ذلک فقد ورد فی بعض الروایات أن النبی (ص) قال: (الْأَئِمَّةُ بَعْدِی اثْنَا عَشَرَ کُلُّهُمْ مِنْ قُرَیْش‏) [1] و ذکر اسماء کل هؤلاء الاثنی عشر بالترتیب. [2]

إذن فإمامة الامام الحسن (ع) و سائر الائمة (ع) مجعولة من قبل الله تعالی و قد ابلغت للناس من قبل النبی الاکرم (ص)، و کل إمام کان یعلن للناس عن الامام من بعده، و ان الامام علیاً (ع) کان قد حدد للناس الامام الحسن (ع) باعتباره الوصی و الامام من بعده. [3] و أما لماذا کان الامام الحسن (ع) هو الامام الثانی و ان الامام الحسین (ع) هو الامام الثالث فربما کان ذلک لاجل ان الامام الحسن (ع) کان هو الاکبر سناً من الامام الحسین (ع)، و الا فان جمیع الائمة (ع) حقیقة واحدة و هم من نور واحد. و قد وردت الاشارة للاتحاد النوری لاهل البیت (ع) صریحة فی روایات کثیرة ، و احیانآً تصرح الروایات بالخمسة من أهل العباء واحیاناً اخری بجمیع المعصومین و کنموذج علی ذلک فان الله تعالی قال لنبیه الاکرم محمد (ص) : " یَا مُحَمَّدُ إِنِّی خَلَقْتُ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ الْأَئِمَّةَ مِنْ نُورٍ وَاحِد". [4]

و بالطبع فان هناک احادیث ذکرت بعض الخصائص لاحد المعصومین کالحدیث التالی الذی یجعل لامیر المؤمنین علی (ع) امتیازاً و افضلیة علی باقی الائمة: قال الامام الصادق(ع): "عَلِیٌّ أَوَّلُنَا وَ أَفْضَلُنَا وَ خَیْرُنَا بَعْدَ النَّبِی" [5] .

و ورد فی روایات اخری ان الله تعالی – و تقدیراً للعمل الذی قام به الامام الحسین(ع) – فانه قد جعل الشفاء فی تربته.   و تتضح اهمیة هذا العطاء حینما نعلم انه فی الفقه الاسلامی یحرم أکل التراب، و انه قد استثنی من هذا الحکم أکل القلیل من تربة سید الشهداء بقصد الاستشفاء. [6] و لکن هذه الروایات لاتدل علی افضلیة وجود إمام علی إمام آخر و لا یمکن القول بشکل قاطع بان هذه الامتیازات هی علی اساس الاختلاف الموجود بین الائمة (ع) فی مقام الولایة التکوینیة، [7] و ان کان من الممکن القبول بامکان هذا الاختلاف فی مقام الثبوت. و لکن کلامنا فی انه لا یمکن العثور فی مقام الاثبات علی شواهد واضحة فی هذا المجال. و لکن المقدار المتیقن هو ان جمیع المعصومین انعکاس لنور واحد و لهم جمیعاً مقام الولایة التکوینیة. و لو أن أیّاً منهم کان فی موضع الآخر لقام بنفس الدور الذی قام به الامام الآخر. و ذلک لانهم النموذج الاکمل لهدایة الناس، و علیه فینبغی ان یصدر عنهم السلوک الامثل و ان یعرضوا افضل الاسالیب امام الناس لیتعلموا منهم کیفیة التصرف المناسب فی مختلف الظروف، فلا یسالموا فی زمن الحرب کما فعل الامام الحسین (ع) ولا یقاتلوا فی زمن الصلح کما فعل الامام الحسن [8] (ع).

و بعبارة آخری: مع أن الائمة جمیعهم مظهر تام للصفات و الاسماء الالهیة و لکن الظروف الخاصة و خصوصیات المرحلة تسببت فی تجلی جانب من شخصیتهم الروحانیة و وصولها الفعلیة، فصاروا مظهراً لاسم من الاسماء الالهیة، ففی کل زمان یتجلی بشکل خاص بعد من ابعادهم الوجودیة. [9]

اذن فالاختلاف بین الائمة هو فقط فی تفعیل جانب من تجلیات الاسماء و الصفات الالهیة علی اساس الظروف الزمانیة الخاصة.

والنتیجة: ان جمیع المعصومین الاربعة عشر (ع) قد خلقوا من نور واحد و هم متساوون من جهة الوجود و مقام الولایة التکوینیة، و ان إمامة کل منهم (ع) هی بامر من الله، و اذا وجد امتیاز لامام علی آخر فی الاحادیث فذلک لاجل ان کل واحد من الائمة المعصومین (ع) کان یتصرف – طبقاً لظروفه الخاصة- افضل ما یمکن ان یصدر من تصرف و سلوک أمام الناس فکان یتحقق بتصرفه جانب من الاسماء و الصفات الالهیة. فقد کان الامام علی (ع) طبقاً لظروفه الخاصة ماموراً باظهار نوع من السلوک و أن یظهر جانبا خاصا من الاسماء و الصفات الالهیة، و کذلک کان الامام الحسن (ع) و الامام الحسین (ع) و سائر الائمة (ع) [10]

و لمزید لاطلاع اکثر راجعوا الکتاب و المواضیع التالیة:

1- حجة الاسلام الدکتور قاسم ترخان، نظرة عرفانیة و فلسفیة و کلامیة الی شخصیة الامام الحسین (ع) و ثورته، منشورات جلجراغ، قم.

2- حیاة الامام الحسن (ع) و شخصیته السؤال1498 (الموقع: 1515).

3- خصائص الامام علی (ع)،السؤال1783 (الموقع 2551).

4- کون الامام علی (ع) وجه الله. السؤال 8683 (الموقع 10616).

5- انحصار الامامة فی نسل النبی(ص) السؤال5168 ( الموقع: 5828).



[1] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج36، ص322،مؤسسة الوفاء، بیروت، لبنان، 1404ق.

[2] نفس المصدر، ص321و325.

[3] راجع موضوع: انحصار الامامة فی نسل النبی، السؤال: 5168( الموقع: 5828)

[4] .بحار الانوار، ج36، ص281و 223.

نفس المصدر، ج1، ص229.

[5] نفس المصدر، ج44،ص 221.

[6] توضیح المسائل المحشی للامام الخمینی،ج2، ص598م:2628.

[7] - معنی الولایة التکوینیة هو تمکن النفس وقدرتها علی التصرف  فی مادة الکائنات

اذن الله التکوینی. وبعبارة آخری ان صاحب الولایة التکوینیة یخلق بهمته شیئاً فی خارج

حل الهمة. وعلی هذا الاساس فان جمیع معجزات وکرامات اولیاء الله هی بسبب

لایتهم التکوینیة (ترخان، قاسم، نظرة عرفانیة وفلسفیة وکلامیة الی شخصیة  الامام

لحسین(ع) وثورته، ص109،منشورات جلجراغ قم، مطبعة الهادی، الطبعة 1388

[8] نفس المصدر، ص106-107و 139.

[9] نفس المصدر، ص106.

[10] وللاطلاع أکثر: راجعوا تفصیل هذه المقالة فی کتاب: نظرة عرفانیة وفلسفیة

کلامیة الی شخصیة الامام الحسین(ع) وثورته،ص106-142.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257237 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128140 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113242 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88996 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59835 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59549 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49728 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47164 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...